الأربعاء، 8 يناير 2014

فراشــــــــــــــــــــــــــــــــــــة











كم اشتاقت الخروج من شرنقتها
لتبهر العالم بألوان أجنحتها الرائعة
لتحلق في السماء و ترقص على أنغام العبير
بعيداً عن السجان و قيوده
و لكن عندما خرجت ... عرفت لماذا يبكي المولود
اكتشفت أن الحياة التي طالما طاقت إليها 
ليست سوى وجه قبيح يخفيه قناع زائف


فور خروجها من الشرنقة اصطادها بمِلقطه الدقيق
و وضعها فوق طاولته الملساء .. الباردة كأنفاسه
و انقسم العالم حولهما إلى نصفين
نصف يصفق له بحرارة على عُروضه المدهشة 
و كيف يبدع في تطبيق طُرق تعذيبها 
كأن يقيدها بخيط رفيع و يتركها تطير
فيمنعها القيد من الخروج عن المساحة التي يحددها هو
أو يباغتها بجذب طرف الخيط 
لتسقط على طاولته الباردة من جديد
أو أن يغرقها بسوائل لا تحتمل حرارتها 
أو أن يسجنها داخل قطعة ثلج بلورية 
و يتأمل سكونها و صمتها  الذي فرضه عليها
أو يدهس جناحيها الرقيقين بقطع حديدية ثقيلة
حتى يقتلها الألم 
أما القسم الآخر 
فتغريه مقاومتها الضعيفة 
يتمتع برؤيتها تتعذب محاولة التخلص من القيود
يتلذذ بمتابعة محاولاتها المتكرر للهروب 
لقناعته بفشلها المؤكد
يستثيرها للتمرد عليه 
لكي يصبح العَرض أكثر تشويقا 
يطمع في أن تحدث المعجزة 
كأن تردد تعويذة سحرية 
فتتحرر من قطع الحديد التي مزقت جناحيها 
و كأنها تنفض ذرات من الغُبار 
أو أن تخرج أشعة خارقة من عينها 
تذيب قطعة الثلج التي حبستها

و كأنه فرض عليها أن تقوم بهذا 
دون أدنى مساعدة منهم 
و لكنهم هنا .. فقط لمشاهدة العَرض المؤثر



تُرى ما الذنب الذي اقترفته لتتجرع كل هذا العذاب
و لكن تحمد الله أنها فراشة 
و الفراشات أعمارهن قصيرة 
و قريبا سينتهي هذا العذاب 






فيوما ستخرج من هذه الشرنقة الكبيرة 
كما خرجت من شرنقتها الأولى 
يوما سنراها تطير إلى العالم الأبدي 
تحلق في سماء العالم الأجمل 
سترحل للعالم الذي لا يعرف الأحزان .









ليست هناك تعليقات: