إليك صديقتي الغائبة

اناديها ربما تسمعني روحها الغائبة
اشتقت إليها كثيراً
رغم أني لم أرها حقيقة 
و إنما رسمت ملامحها في خيالي 
اقتربت من قلبي سريعاً
و حطمت أغلالي 
ثم اختفت فجأة 
و فتشت عنها كثيراً
بحثت عنها تحت الشمس
و خلف الظلال
و سألت عن أخبارها
كل صديق و جار
تُرى أين هي ؟!
أهنا أحد يخبرني عنها خبراً
يهدئ روعي
و يرمي بالخوف بعيداً عن أسواري

أرجو بعض الراحة

و غفرت للأيام كل خطيئة و غفرت للدنيا و سامحت البشر

يوما سأرحل دون حقائب يوما سأودع المتاعب و السفر

جويدة بتصرف

سمعت قلبك يصفها

أهكذا تريدها !

بيضاء بعيون نجلاء عسلية

ذات أنف شامية

و وجنتان ممتلئتان و شفاه وردية

و أذنين كلوزتان

و اسنان لؤلؤية

و عنق طويل يكشف عن بعض خيوط لازوردية

تريدها بحاجبين منمقين و رموش بدوية

شعرها ليل يغازله النسيم يقبله بعطر ياسمينة برية

تريدها طفلة بريئة بطلة ملائكية

و مراهقة تعاني حُبك و هجرانك

تكتب فيك شعرا و تسرد وصفك بكلمات رومانسية

تريدها أكثر حماسة و أكثر أريحية

تريدها واضحة يحيرك دلالها الغامض

تريدها مرحة بضحكة طفولية

و تريدها متغنجة يُأثر فيك صوتها كسنفونية

تريدها أصغر منك بعام أو عامين

و أقصر منك بشبر أو شبرين

تريدها بروح حالمة و نظرة واقعية

تريدها عاقلة تتغاضى عن تقصيرك

و جادة تنبهك إلى أخطائك

تريدها مجنونة ترقص و تضحك لأسباب واهية

و تثرثر كثيرا و تصمت كثيرا

تريدها غيورة على قلبك و صورتها في عينيك الساهية

تريدها ذكية تفهمك دون نظرة أو اماءة

و إذا تحدثت أو صمت فهى لما يقول قلبك منصتة مصغية

تريدها طبيبة لجراحك و رفيقة دربك و تحفظ سرك و تخفف أوجاعك

تريدها ابنة مدللة و أما حنونا و عاشقة مجنونة و زوجة عفيفة نقية

ستضحك و الدموع في عينها

ستضحك بصوت جديد

ستغني أغاني زمان

و تستعيد ذكريات عديدة

سترثي أشلاء قلبها و جسدها الحُطام

سترثيك بكلمات رتيبة

ستضحك بصوت جديد

تبحث عن سعادة وليدة

ستنسى ما كان

ستنسى الليالي القشيبة

سترقص فوق بقايا الجدار

و تغني كانت أماني .. كانت آمال بعيدة

تغني يوما ستهجرني الأحزان

سيهجرني العذاب

يوما أحياه سعيدة

ستضحك بصوت جديد

سترقص تحت المطر

كعادتها القديمة

تصلي لرب العباد

و تدعو بصوت مُجاب

تُغطيه دموع الخوف و العذاب

و تتمنى أمنية قديمة

ستضحك بصوت جديد

و تعدو فوق هذا التراب

و تهرب و تختفي في ظل النخيل و الأشجار الكثيفة

ستحدث البحر و تداعبه من بعيد

قبل أن تملأ الجرار

 بأمنيات مستحيلة

ستلقاك في هدوء

و تمضي في هدوء

و لن ترى دمعها البريء 

في صدفة بعيدة

ستضحك بصوت جديد

و تمشي في سكون

 تحت المطر الخفيف

ستجري في الشتاء 

و تصم آذانها عن صوت الرياح

و ترجمة الحفيف

ستضحك بصوت جديد

لن تمر فوق جسر الحديد

و لكن سيدوم ودها للمدينة

و الشوق في قلبها مع كل خفقة يزيد

كل يوم ستتأمل النجوم

و تتألم بصمت مكتوم

و تدعو لك بحياة سعيدة

ستضحك بصوت جديد

تستقبل الشمس و قت الشروق

بابتسامة جميلة

و تودعها عند الغروب

بدمعة حزينة

سترسل السلام مع الحمام

و الرياح الشديدة

ستظل في محطة الانتظار

تتمنى عودة القطار

و كل يوم ستضحك في وجه الصباح

أملا في أن يكون بداية اليوم الذي تريده

و في المساء ستبكي على الأوراق

الحنين و الشوق و الفراق و الأحلام الأليمة

و في النهاية ستغني لك أغنية حزينة

و توصي بها الكروان و حفيف الاشجار

لتصل إلى روحك البعيدة   

لو كنت فقيرا

أحب الشتاء 

و لو كنت فقيرا لكرهت الشتاء 

أنعم الله علي برداء ثقيل و غطاء 

لو كنت أشعر بالمساكين و الفقراء 

لمـــــــــــــــــــــــــا أحببت الشتاء 

اسألني و أسألك

أتعرف الحزن يا سيدي؟

الحزن هو أن ألقاك و لا أحدثك

هو أن أراك و أصطنع عدم رؤيتك

هو أن أحتجب عنك و أتنصت ﻷسمع صوتك

أتعرف الحنين يا سيدي؟

الحنين هو أم أراك بأحلامي و لا وجود لي في حقيقتك

هو أن أسمع كلماتك في غيابك لا في حضورك

هو السفر إلى زمانك و أمنيتي بألا أعود

أتعرف العذاب يا سيدي؟

العذاب هو أن تتحقق كل الأحلام إلا حلمك

العذاب هو أن أحبك

أتعرف الموت يا سيدي؟

الموت هو أن تتساقط أوراقي واحدة تلو الأخرى في انتظارك

هو أن أسمع أخرى تتحدث إليك أو عنك

هو أن أقرأ لأخرى تكتب عنك

هو أن أسمع اسم احداهن بين شفاهك

أو أرى صورة احداهن تغزو عقلك

أتعرف الغياب ياسيدي؟

الغياب هو ألا أجد غيرك أمامي و لا أفتقد سواك

هو ألا أسمع صوتا سوى صوتك و لا أرى أحدا غير طيفك

فأنا غائبة في حضورك و في غيابك

أتعرف الحب يا سيدي؟

الحب هو أن أراك تفكر بها و أحبك

هو أن أسمع قلبك يدق لها و أحبك

هو أن أشعر بذكراها تسلل لعقلك و أحبك 

هو أن أعرف استحالة كونك لي و أحبك
هو أن تجرحني كلماتك و أحبك
هو أن تقتلني سخريتك و أحبك 
هو أن يحزنني غيابك و أحبك