ليست
جاهلة رغم كونها لا تعرف القراءة و الكتابة
إنها
تتحدث بلغة لم يصل إليها أساتذة الجامعة
لها
فلسفة خاصة بها
و
لكنها متوائمة مع واقع الحياه
تعبر
عن أعقد المشكلات
في
أبسط التعبيرات و أقصر العبارات
من
ينصت إليها يشعر أن كلماتها حكم
استخلصتها
من تجاربها في الحياة
و
نظرتها الدقيقة لتجارب غيرها
إذا
سردت عليك حكايتها
ربما
ترفع لها القبعة تقديراً و تثني على
شجاعتها و عقلها و علمها
و
ربما لا تصدق سردي و تقول مٌغاليه مبالغة
و
ربما تبكي إذا تذوقت بعض المرار الذي
تجرعته على مر حياتها
إذا
سألت أغلب الناس ما هي أسعد اللحظات في
حياتك
سيجيب
(طفولتي )
فما
بالك بها تلك الطفلة البالغة خمسة أعوام
لا
تعرف عن الحياة قليلا أو كثيراً
كل
ما تعرفه هو دارها البسيطة
بناها
أيوها بالطوب اللبن
تتكون
من حجرتان واحدة بسقف و أخرى بدون
لا
تعرف شيئا عن الأسرة و الأغطية التي نعرفها
اليوم
تنام
فوق ( الإياس
) و تتدثر و
اخوتها بقطعة قصيرة من الخيش
أما
عن ثيابها فلا ترتدي في العام سوى ثوب
واحد من القماش الدمور
هي
لم تكن الإبنة الكبرى أو الصغرى
كان
يكبرها صبي و ثلاث بنات
و
يصغرها بنتان
و
كان من عادات قريتها أنهم لا يدعون الإناث
يتعلمن
بل
العلم للذكور
و
المال للذكور
و
الإناث أيضا للذكور
و
الحياة كلها للذكور
كانوا كمن يصفهم الله في كتابه العزيز:
((وَإِذَا
بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ
وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ{58}
يَتَوَارَى
مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ
بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ
يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء
مَا يَحْكُمُونَ{59}
))النحل.
فالإناث بعد
مولدهم ينتظرون موتهم
أما الذكور فلو استطاعوا أن يخلقوا لهم حياة و عمرا لخلقوا
ونمت هي بين كل هذه التقاليد المتخلفة
و الحياة الجافة القاسية
فلا تشعر بحنان أو أمان
و لا ترى أمل
و لا ترى عدل
و لا ترى رحمة
الكل يعاملها بقسوة
كأنها لم تُخلق إلا للعمل الشاق
في الأرض و الدار
رغم أن لها أخوات أخريات
و لكن العمل مكدس عليها و عليهم
فقبل أن تستيقظ الشمس تصحو الجميلات
للعمل الذي لا ينتهي إلا بعد أن تنتهي الشمس من عملها و تذهب لتنام
قضت عشرها الأُول هكذا
حتى وصلت الطفلة البريئة في نظرهم إلى عمر الزواج
لم تكن في العشرين من عمرها و الخامسة عشر
و انما لم تتجاوز الحادية عشر بعد
لم تكن تعرف ما هو الزواج و ماهي الأسرة
و ما هم الأبناء
و تزوجت ابن عمها
و أنجبت ذكرين و ثلاث إناث
رغم سنها الصغير
إلا أن عقلها كبير
يزن الأمور بميزان الذهب
إلا أنها كانت ذات ثقافة واسعة
و فلسفة راقية
رغم قسوة زوجها
و معاملته المهينة لها و لأولاده
إلا أنها كانت صابرة
مما يجعلك تتعجب من صبرها على ما لا يطيقه بشر
من ضيق عيش و معاملة حيوانية
و طباع قاسية و كلمات جارحة
حتى توفي زوجها بعد عشر أُخر
و ترك أصغر أبنائه طفلة رضيعة في شهرها السادس
إنها الآن امرأة في عقدها الثاني
جميلة بل أجمل نساء القرية
و لديهل خمس أحمال
أكبرها ابنها الكبير و عمره تسعة أعوام
و أصغرها الرضيعة و عمرها ستة أشهر
كيف لها أن تدبر نفقات أسرتها
و كيف ستربيهم وحدها
و كيف تُبعد عنها الذئاب
و كيف ستكتم نباح الكلاب
و لكن لم تكن وحدها
فمعها الله
فهي الصابرة المخلصة المؤمنة التقية
و أم الأيتام
و من معه الله كفاه
بارك الله في أرضها
و هدى لها أبنائها
و فتح الله عليهم و بهم
تشارك ابنتها الصغرى فرحتها بتخرجها
و انهائها لدراستها الجامعية
و كل أبنائها أكملوا تعليمهم العالي ذكورا و اناثا
و كسرت المرأة القوية تقاليد قريتها المتحجرة
و أصبحت السيدة الجاهلة أماً لذكور و اناث
في أعلى مراحل الدين و العلم و الأدب ..........
أما الذكور فلو استطاعوا أن يخلقوا لهم حياة و عمرا لخلقوا
ونمت هي بين كل هذه التقاليد المتخلفة
و الحياة الجافة القاسية
فلا تشعر بحنان أو أمان
و لا ترى أمل
و لا ترى عدل
و لا ترى رحمة
الكل يعاملها بقسوة
كأنها لم تُخلق إلا للعمل الشاق
في الأرض و الدار
رغم أن لها أخوات أخريات
و لكن العمل مكدس عليها و عليهم
فقبل أن تستيقظ الشمس تصحو الجميلات
للعمل الذي لا ينتهي إلا بعد أن تنتهي الشمس من عملها و تذهب لتنام
قضت عشرها الأُول هكذا
حتى وصلت الطفلة البريئة في نظرهم إلى عمر الزواج
لم تكن في العشرين من عمرها و الخامسة عشر
و انما لم تتجاوز الحادية عشر بعد
لم تكن تعرف ما هو الزواج و ماهي الأسرة
و ما هم الأبناء
و تزوجت ابن عمها
و أنجبت ذكرين و ثلاث إناث
رغم سنها الصغير
إلا أن عقلها كبير
يزن الأمور بميزان الذهب
إلا أنها كانت ذات ثقافة واسعة
و فلسفة راقية
رغم قسوة زوجها
و معاملته المهينة لها و لأولاده
إلا أنها كانت صابرة
مما يجعلك تتعجب من صبرها على ما لا يطيقه بشر
من ضيق عيش و معاملة حيوانية
و طباع قاسية و كلمات جارحة
حتى توفي زوجها بعد عشر أُخر
و ترك أصغر أبنائه طفلة رضيعة في شهرها السادس
إنها الآن امرأة في عقدها الثاني
جميلة بل أجمل نساء القرية
و لديهل خمس أحمال
أكبرها ابنها الكبير و عمره تسعة أعوام
و أصغرها الرضيعة و عمرها ستة أشهر
كيف لها أن تدبر نفقات أسرتها
و كيف ستربيهم وحدها
و كيف تُبعد عنها الذئاب
و كيف ستكتم نباح الكلاب
و لكن لم تكن وحدها
فمعها الله
فهي الصابرة المخلصة المؤمنة التقية
و أم الأيتام
و من معه الله كفاه
بارك الله في أرضها
و هدى لها أبنائها
و فتح الله عليهم و بهم
تشارك ابنتها الصغرى فرحتها بتخرجها
و انهائها لدراستها الجامعية
و كل أبنائها أكملوا تعليمهم العالي ذكورا و اناثا
و كسرت المرأة القوية تقاليد قريتها المتحجرة
و أصبحت السيدة الجاهلة أماً لذكور و اناث
في أعلى مراحل الدين و العلم و الأدب ..........
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق